مسؤول في منظمة الصحة العالمية: الوضع في مستشفيات شمال غزة مرعب

مسؤول في منظمة الصحة العالمية: الوضع في مستشفيات شمال غزة مرعب

تحدث شون كيسي إلى الصحفيين في نيويورك، اليوم الأربعاء، عقب عودته مؤخرا من غزة التي مكث فيها لما يزيد عن خمسة أسابيع، حيث كان يعمل من رفح في الجنوب بالإضافة إلى زياراته إلى الشمال مرات عديد. 

وسلط مسؤول منظمة الصحة العالمية الضوء على العديد من التحديات التي تعيق الوصول إلى المتأثرين من النزاع، مثل القيود المفروضة على الوصول الإنساني وتحركات عمال الإغاثة والعراقيل الأمنية، مشيرا إلى أن قوافل الإغاثة تواجه تحديات يومية في سبيل إيصال الوقود والإمدادات الحيوية إلى هذه المستشفيات حتى تتمكن من الاستمرار في توفير مستوى معين من الرعاية للأشخاص الذين يعانون بشكل كبير للغاية.

 وقال إن كل حركة في جميع أنحاء قطاع غزة تتطلب التنسيق وتنطوي على مخاطر وتحديات لوجستية. وتابع قائلا: "حاولنا كل يوم التغلب على تلك التحديات كي نتمكن من توفير مستوى معين من الرعاية لآلاف المصابين- بين 50 إلى 60 ألف شخص أو أكثر ممن لا يزالون ينتظرون الرعاية الصحية في ظل نظام صحي منهار وأعداد هائلة من الرجال والنساء والأطفال وكبار السن الذين كانوا يأتون إلى المستشفيات كل يوم بحثا عن العلاج والراحة".

 وأضاف قائلا: "انصب جزء من تركيزي الفردي على تعبئة فرق الطوارئ الطبية بهدف جلب مزيد من الجراحين والأطباء والممرضين إلى المستشفيات لمحاولة إنقاذ الأرواح وتجنب عمليات البتر غير الضرورية، لعلاج العديد من الأطفال الذين رأيتهم مصابين بشظايا مروعة والجروح الناجمة عن الطلقات النارية وإنشاء المستشفيات الميدانية".

 

مستشفى الشفاء: عنوان المعاناة في غزة

وقال شون كيسي إنه زار ستة مستشفيات من مجمل المستشفيات الستة عشر التي لا تزال تعمل حتى اليوم في القطاع- من بينها مستشفى الشفاء في شمال غزة- والذي كان ذات يوم أكبر مستشفيات القطاع. وأوضح أنه تمكن من الوصول إلى مستشفى الشفاء ثلاث مرات، "لكننا بعد ذلك أمضينا فترة 12 يوما لم نتمكن خلالها من توصيل الطعام والأدوية والوقود وأي إمدادات إلى أكبر وأهم مرفق صحي في قطاع غزة- وهو مستشفى يضم أكثر من 700 سرير".

وقال شون كيسي إن المستشفى تحول إلى نقطة لإسعاف المصابين بصدمات الرضوح ويؤوي آلاف النازحين الذين يعيش عشرات الآلاف منهم في غرف العمليات والممرات وعلى السلالم. ويستقبل قسم الطوارئ مئات المرضى يوميا- معظمهم من المصابين بالرضوح، مع وجود حفنة من الأطباء- 5 أو 6 أطباء أو ممرضين- يقدمون الرعاية لكل هؤلاء المرضى الذين يفترشون الأرض. وأضاف: "لا يمكنك أن تمشي داخل المستشفى دون أن تطأ قدم أو يد أحد نسبة لكثرة الناس فيه".

أما في المستشفى الأهلي، يقول شون كيسي إنه رأى المرضى الذين كانوا يرقدون على المقاعد، "ينتظرون الموت" في مستشفى بلا وقود ولا كهرباء ولا ماء والقليل جدا من الإمدادات الطبية. ولم يتبق سوى عدد قليل من الموظفين لرعاية المرضى".

زار شون كيسي أيضا مجمع ناصر الطبي، خلال الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن المستشفى لم يتبق به سوى 30% من الموظفين. وقال إن المستشفى يضم عددا من المرضى يفوق سعته السريرية بحوالي 200٪. وتابع قائلا: "يرقد المرضى في كل مكان في الممرات وعلى الأرض. ذهبت إلى وحدة الحروق حيث كان هناك طبيب واحد يعتني بـ 100 مريض".

منسق فريق الطوارئ الطبي لمنظمة الصحة العالمية، شون كيسي، في مستشفى الأقصى وسط قطاع غزة.

 

أدلة متكررة على الكارثة الإنسانية

وأضاف المسؤول بمنظمة الصحة العالمية: "في كل مرة أذهب فيها إلى المستشفيات، أرى أدلة متكررة على الكارثة الإنسانية في غزة التي تتكشف وتزداد سوءا كل يوم، وانهيار النظام الصحي يوما بعد يوم، مع إغلاق المستشفيات، وفرار العاملين الصحيين، واستمرار تدفق الضحايا، وانعدام القدرة على الوصول إلى الأدوية والإمدادات الطبية والوقود اللازم لتشغيل المولدات والإضاءة والحفاظ على تشغيل الآلات".

ووصف شون كيسي أوضاع الفارين من الحرب الذين يصلون إلى مدينة رفح في الجنوب بأنها كارثة إنسانية مأساوية، حيث قال: "أرى كل يوم الشاحنات والحافلات التي تحمل الناس والكثير منهم يفرون إلى الجنوب وهم يحملون متعلقاتهم، ثم يقيمون ملاجئ جديدة باستخدام الأغطية البلاستيكية والخشب في الشوارع. من الجانب الآخر، كنا وما زلنا نحاول توصيل الأدوية الضرورية والمستلزمات الطبية والوقود إلى المستشفيات التي لا تزال تعمل. نحاول الاستمرار في زيادة عدد العاملين الصحيين والأطباء والممرضين الإضافيين بهدف تلبية الطلب الهائل، من مرضى صدمات الرضوح، ولكن أيضا المرضى الذين يعانون من الأمراض السريرية الأخرى مثل النساء الحوامل اللواتي ما زلن بحاجة إلى رعاية ما قبل الولادة واللاتي ما زلن بحاجة إلى ولادة والأشخاص الذين يحتاجون إلى غسيل الكلى".

يواصل الناس في غزة الفرار من القتال في غزة والبحث عن أماكن آمنة.

© UNICEF/Eyad El Baba

وقال إن مدينة رفح التي كان يسكن بها حوالي 270 ألف شخص، قبل بضعة أسابيع تضم الآن أكثر من مليون شخص، وبنيتها التحتية الصحية ليست مجهزة للتعامل مع هذا التدفق الهائل للنازحين ولا تسع مساحتها لاستضافة هذا العدد من الناس ولذا تجد الناس ينامون على الأرصفة في الشارع. 

وأضاف: "نعمل على تعبئة مستشفيات ميدانية إضافية، وعاملين إضافيين في مجال الرعاية الصحية، لمساعدة بعض الأشخاص الذين نزحوا، والعاملين الصحيين الذين يفرون هم أنفسهم للنجاة بحياتهم ولمواجهة عبء الرعاية المتزايد بشكل كبير الناجم عن، الإصابات المرتبطة بالأعمال العدائية والمتعلقة بالظروف المعيشية، والظروف المعيشية الفظيعة التي ينام فيها الناس الآن تحت الخيام دون إمكانية الوصول إلى الماء، ولا يمكنهم الحصول على الطعام، ولا يمكنهم الوصول إلى أساسيات الحياة. مثل أن تجد سريرا دافئا للنوم وهم فقدوا معظم ممتلكاتهم ونتيجة لذلك، أصبحوا عرضة للأمراض المعدية".