محنة التعليم العالي والتَعَلُم (١)

محنة التعليم العالي والتَعَلُم (١)

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


إذا كانت عناصر التعليم الأساسي الرئيسية هي الطالب والمدرس والمنهج، فإن عناصر التعليم العالي هي الطالب والتَعَلُم. وقد يندهش البعض أن الأستاذ والمنهج ليسا ضمن العناصر الرئيسية، لأن هذين العنصرين يُعتبِران من العوامل المٌيسرة لإنجاز عملية التَعَلُم وتحقيق مخرجاتها بشكل رئيسي.
ولا يعاني التعليم الأساسي فقط من ضعف في عناصره ومكوناته، بل يمتد هذا الضعف إلى مرحلة التعليم العالي أو ما يطلق عليه التعليم الجامعي مجازا ً لاعتبارات عِدة تأتي في مقدمتها أن التعليم الجامعي يُعدُ كاشفاً لمستوى الطالب وما قام بتحصيله في مرحلة التعليم الأساسي. وهذا الأمر ينطبق على الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية والمعاهد بأنواعها المتنوعة.
وقد يعتقد البعض أن حال الطلاب في الجامعات الحكومية أفضل من حال الطلاب في الجامعات الخاصة والأهلية والمعاهد، لأن طلاب الجامعات الحكومية يُعتبرون من الطلاب المتفوقين الحاصلين على تقديرات مرتفعة في مرحلة الثانوية العامة. وهو اعتقاد خاطئ من وجهة نظري. لأننا في مرحلة التعليم العالي لا نتعامل مع طالب ولكن نتعامل مع فكرة " التَعَلُم"!. أي ما يملكه الطالب من معارف ومعلومات يمكن أن يستفيد منها في مرحلة التعليم العالي. وهنا يُعتبر خريجو المدارس الخاصة والأجنبية والإرساليات - الذين يلتحق كثر منهم بالجامعات الخاصة والأهلية أوفر حظاً من خريجي طلاب المدارس الحكومية لما تتيحه المدارس الأولى من مناهج متطورة وإمكانات ووسائط تعليمية تمكن الطالب من البحث والتَعَلُم.
وقد يدرك الأساتذة العاملون في الجامعات الحكومية والخاصة معاً هذه التباينات والفروق في درجات التَعَلُم عند التعامل مع الطلاب أثناء عملية التدريس.
وتتضح محنة التعليم العالي في صعوبة إدراك أنها مرحلة مختلفة عن التعليم الأساسي وإن كانت معتمدة بشكل مباشر على الأخير. وهي مرحلة مختلفة لأن المنهج ليس واحداً حتى في التخصص الواحد. كما أن الرأي ليس أحادياً خاصة في الكليات التي تدرس العلوم الإنسانية والتي اصطُلِحَ تسميتها بالكليات النظرية. كما قد ينطبق الأمر علي الكليات العملية أو التطبيقية بالنسبة وفق المدارس العلمية التي تتبنى مناهجها كالمدرستين الأوروبية أو الأمريكية.
وبالتالي المتوقع من طالب الجامعة ليس تحصيل منهج معين أو معلومة ما، وإنما لابد أن يتعلم الطالب الجامعي كيف يتعلم وكيف يفكر. هذا هو ما يجب أن يتمحور حوله هدف التعليم الجامعي في أية جامعة وفي أي مكان. والسبب غاية في البساطة وهو أن الحياة متطورة ومشكلات الحياة متنوعة وتحتاج لذهنيات متنوعة للتعامل معها.
في الجزء الثاني سنناقش خصائص الطالب الجامعي في عصرنا الحالي ومعضلات التَعَلُم التي يواجهها.